يسرّ المورد الثقافي أن يعلن عن المشاريع التي تمّ اختيارها ضمن الدعوة المفتوحة “لنستعيد المشاع: مشروع لبناء تعاون ثقافي في المنطقة العربية”، التي تمّت صياغتها بالشراكة مع مؤسسة عبد المحسن القطان، وقد انضمّ إلى مسار تطويرها عددٌ من المؤسسات الصديقة والشريكة وهي مؤسسة اتجاهات-ثقافة مستقلة وجمعية أفلامنا، وجمعية الشارع فن، والتي تشكّل جميعها نواة تساهم في تمويل المشروع وبرمجته.
تمّ إطلاق هذا المشروع بمناسبة مرور عشرين عاماً على تأسيس المورد الثقافي، وهو دعوة للمساهمة في بناء مسار إبداعي تشاركي، موجّهة للمبادرات والتعاونيات والمؤسسات الثقافية والفنية المستقلّة والفنانين والفاعلين الثقافيين، وتدعم مشاريع فنية وثقافية من مختلف الفئات الفنية أو عابرة للفنون، بشرط أن تتبنى مقاربات تعاونية ومشاعية وتشاركية، سواء على مستوى تطوير المشروع، ملكيّته، تأويله ومخرجاته، أو عائداته.
استلم فريق المشروع 356 استمارة تقدّم من مصر، لبنان، فلسطين، تونس، المغرب، سوريا، الأردن، اليمن، السودان، ليبيا، الجزائر، العراق، الإمارات، موريتانيا، ودول المهجر، وقام بإجراء مسح أولي للاستمارات، وتمّ بناءً عليه استبعاد الطلبات غير المكتملة أو التي لم تستوفِ معايير التأهل وأهمّها أن تتبنى المشاريع مقاربة أو منهجية مشاعية واضحة.
أرسل الفريق 137 طلباً مؤهلاً ليتمّ تقييمها من قبل لجنة تحكيم مستقلّة مؤلفة من 3 أعضاء من المنطقة العربية. اجتمعت اللجنة افتراضياً لتداول النتائج بعد انتهاء عمليات التقييم الفردية، وتمّ في ختام مسار التقييم اختيار 13 مشروعاً.
المشاريع التي تمّ اختيارها:
أرشيف السودان للفن التشكيلي – زا ميوز ملتي استيديوز (السودان)
لطالما تميّزت الفنون التشكيلية في السودان بإنتاج واسع ومتنوّع، كما أنّ الفن في السودان لم يكن يوماً منفصلاً عن حركة المجتمع، فلقد بادر الفنانون في السودان بطرح نقاشات حول مدارسهم وتفكيرهم الفني، فكانت أطروحاتهم البصرية حولها متعددة وغنية. ولّدت هذه النقاشات أجيالاً مختلفة من المدارس الفنية الحداثية التي تمثلّها كلية الفنون في السودان، وربما تكون من أهم المؤسسات الفنية الحديثة في المنطقة العربية وأفريقيا. رغم كل هذا الإرث، إلا أنه ليس هناك أرشيف مشترك يجمع هذه الأعمال، أو تحقيب معين لها بناء على طبيعة العمل الفني البصري في جوانبه المختلفة. لذلك، يسعى مشروع “أرشيف السودان للفن التشكيلي” إلى إنتاج أرشيف رقمي يهدف إلى حماية الإرث الفني والتقاليد الفنية السودانية من خلال تغطية 50 عاماً من النشاط الفني في السودان وتوثيق الأعمال الفنية وحياة الفنانين، بالإضافة إلى المؤسسات الفنية التي نشطت خلال نصف قرن من تاريخ السودان.
الامتداد الإقليمي لمبادرة المكتبات المشتركة (PILOT) – مختبر عمران القاهرة للتصميم والدراسات-كلستر (مصر)
يرتكز المشروع المقترح لتطوير وتوسيع نطاق “مبادرة المكتبات المشتركة – PILOT” على منصة ثنائية اللغة للمجموعات المكتبية والأرشيفات، أسّسها مختبر عمران القاهرة عام 2013، وتضمّ أكثر من 30 منظمة من منظمات المجتمع المدني في 5 مدن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يتناول المشروع السياق السياسي والثقافي في مصر والمنطقة العربية، حيث العديد من المكتبات العامة إمّا غير متاحة للعموم أو لديها مجموعات ونظم معلومات محدودة. في المقابل، لدى العديد من مؤسسات المجتمع المدني مجموعات متخصّصة من الكتب والمجلات والأفلام والأرشيفات يقتصر استخدامها على فئات محدودة من العاملين فيها والمتخصصين في الحقول الثقافية والفنية، وغالباً ما تفتقر تلك المجموعات إلى نظم فهرسة موحّدة، مما يعيق إمكانية إنشاء شبكة أوسع لتبادل المعرفة بين المكتبات. يطرح المشروع مفهوم إعادة صياغة المجموعات الخاصة المملوكة لأفراد أو مؤسسات كمورد عام – أو مشاع – متاح لجمهور أوسع، وذلك عبر منظومة موحدة للأرشفة والفهرسة والاستفادة من الموارد الموجودة في منظمات المجتمع المدني بهدف إنشاء مساحة مشتركة إقليمية ومتعددة التخصصات. يرتكز هذا المقترح على دعوة مكتبات جديدة في العراق وليبيا والجزائر، من خلال تدريب العاملين فيها على نظم الفهرسة والرومنة، وتقديم الدعم الفني لضمان استدامة تلك المكتبات وتحديث مقتنياتها. كما يقترح المشروع تطوير نموذج لمكتبة رقمية لمقتنيات لا تخضع لحقوق الملكية الفكرية.
بقايا اليوم، قوت الغد – رواق – مركز المعمار الشعبي (فلسطين)
هناك 26 مليون طن من الأنقاض في غزة، ويشمل ذلك التراب الذي يتمّ استخراجه من الجدران والأسقف ودعائم المباني التاريخية خلال عمليات الترميم. في ظلّ شح الموارد والتضييق، يصبح هذا التراب مكوناً قيّماً للزراعة، ويتطلب إدارة واضحة ووعياً بمسألة شح الموارد في العالم والنمط الاستهلاكي غير المستدام. يركّز المشروع على البلدات الفلسطينية بتاريخها ومعرفتها ومواردها كمشاع، ويُعنى بالبحث والتجريب في مسألة إعادة تدوير بقايا مواقع الترميم واستخدامها في الأراضي الزراعية، كما يعتمد على انخراط المجتمع والشركاء في عملية التدوير والحوار حول المواد والموارد وعلاقتها بالأرض والاستهلاك، ومن ثم تشكيل مساحة جمعية يصمّمها وينفّذها المجتمع المحلي بالتعاون مع تعاونيات زراعية وفنانين ومعماريين. من خلال هذه النقاشات، يشدّد المشروع على إمكانات استخدام هذه البقايا كأتربة للزراعة. سيأخذ المشروع قرية سيلة الظهر جنوب جنين موقعاً لأنشطته من خلال توثيق وترميم وإعادة تأهيل المركز التاريخي كجزء من خطته في مشروع “القرى الخمسين”. يشمل المشروع سلسلة ورشات مجتمعية مع التعاونيات الزراعية ومختصين أركيولوجيين في مرحلة فرز الأنقاض، وهو تجربة أولية نحو تطوير نهج إدارة المخلّفات.
الخريطة المضادّة: تشييد تخيلات جديدة لإنتاج مدينة عمّان – مبادرة مكانة (الأردن)
يعتبر رسم الخرائط ممارسة متأصّلة في السياسة والتسلسل الهرمي للسلطة، والخرائط كأدوات هي شكل من أشكال التواصل المعترف بها على نطاق واسع، ولكنها غالباً ما كانت جدلية. تاريخياً، استخدمت الهيئات الحكومية والشركات وغيرها من الكيانات السلطوية الخرائط كأدوات للسيطرة والهيمنة، وغالباً ما كان ذلك على حساب المجتمعات المهمشة التي يتمّ تجاهل احتياجاتها وإنكار حقوقها. من خلال مواجهة الممارسات الفوقية لرسم الخرائط التي تهيمن على هذا المجال، يقترح المشروع إمكانية إعادة استخدام رسم الخرائط لخدمة أهداف العدالة الاجتماعية، كما يخطّط لإنشاء خريطة مضادّة تعاونية لمدينة عمّان، الأردن، تسلّط الضوء على المبادرات الشعبية والممارسات التي يقودها المجتمع، والتي أنتجت أماكن أكثر عدلاً وشمولية وقابلية للعيش في المدينة. تتناقض هذه المبادرات مع المساحات في المدينة التي تتّسم بالفصل الاجتماعي والاقتصادي الذي تفاقم بسبب سياسات التخطيط النيوليبرالية على مدى العقدين الماضيين. يستخدم المشروع نهجاً تشاركياً لأشكال مختلفة من إنتاج المعرفة، ويعتمد أساليب نوعية وأنشطة شخصية مع المشاركين، بما في ذلك المقابلات الفردية، والمقابلات الميدانية، وسرد القصص، والتصوير الفوتوغرافي، وورشات عمل حول رسم الخرائط التفاعلية. سينتج عن ذلك خريطة مضادة رقمية، وهي أداة سردية نقدية تربط هذه العناصر المختلفة وتروي تاريخاً بديلاً عن إنتاج المساحات في المدينة، بالإضافة إلى منشور مصاحب لتلك الخريطة.
سفراء ريف – المجموعة للسرديات الريفية والبيئة – ريف (لبنان)
يشكّل المشروع امتداداً لتجربة تمّ تنفيذها عام 2023 على مدار خمسة أيام ضمن “مهرجان ريف السينمائي” الذي أُقيم في القبيات في منطقة عكار، لبنان، قام خلالها فريق “ريف” بتعريف الشباب بالقضايا البيئية من خلال أنشطة ترفيهية تعليمية واختيار الأفلام بطريقة تشاركية. تهدف المجموعة إلى إدراج هذه التجربة في إطار تعاوني وتمكين الشباب حول المصالح العامة البيئية. يتضمّن المشروع تشكيل مجموعة من 15 إلى 20 شاباً/ةً تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاماً من منطقة عكار، سيشاركون في برنامج لمدّة سنة، يصبح المشاركون خلاله مبدعين ومنظمين وسفراء لقضية مشتركة. سيتضمّن البرنامج أنشطة بيئية وثقافية، بالإضافة إلى نقاشات مع خبراء في التنوع البيولوجي وناشطين بيئيين، وحوارات مع كبار السن بصفتهم الجيل الحارس للتقاليد الريفية. إضافة إلى ذلك، سيتلقّى المشاركون تدريبات حول أساسيات التصوير الفوتوغرافي وصناعة الأفلام وكتابة السيناريو والتمثيل، وسيعملون بعدها على تحديد أطر العمل الجماعي والحوكمة وتوزيع المهام، وإنتاج عمل فني مشترك سيتمّ عرضه ومشاركته مع الجمهور. يتّخذ المشاركون الشباب صفة السفراء لزملائهم في المدارس، وأسرهم ومجتمعاتهم المحلية والمجموعة الجديدة من الشباب والشابات الذين سيشاركون بالبرنامج في المستقبل.
صور الحشود – وكالة بهنا (مصر)
شهد التاريخ المصري الحديث العديد من الحشود الكبرى التي تجمّعت لأسباب وظروف متباينة، والتي يمكن النظر إليها كلحظات تحوّل في مسار الوعي العام واعتبارها مشاعات ضمنية تولّت فيها الجماهير السيطرة على المجال العام بتمثلاته المادية والقيمية، وإعادة توجيهه خارج الأدوار التي حددتها الدولة مسبقاً. يهدف المشروع إلى استعمال المصادر المشتركة والمعرفة المتاحة لخلق مداخلات تأملية ونقدية لتواريخ ولحظات التجمعات والحشود الكبرى للجماهير بأشكالها وتجسداتها المختلفة في تاريخ مصر ما بعد الاستقلال، ويركّز على خمس لحظات مركزية في تاريخ الحشود في مصر منذ العام 1970 (جنازة عبد الناصر) حتى العام 2011، ويتتبع لحظات الاحتشاد الجماهيري تلك بصورها وانعكاساتها المختلفة الرومانسية والسياسية والاجتماعية، علاقتها في المجال العام اللحظي والممتد، تحققها وإمكانيات تقدّمها وإخفاقها، كما يتأمل الأسئلة الخاصة بالتعايش الجماعي والمشاركة والتضامن المادي والرمزي والصداقة والعمل الأهلي والتفاهم المتبادل التي قامت في تاريخ الدولة الوطنية في مصر. في هذا الإطار، يعتمد المشروع على العمل الجماعي عبر دعوة عدد من الباحثين والفنانين والسينمائيين والحقوقيين والناشطين والكتاب والموسيقيين والمعماريين للنقاش والقراءة والمشاهدة والاستماع لأرشيفات ومصادر وشروحات مرتبطة بتلك اللحظات، بهدف إنتاج مطوية ورقية تحتوي على نص جماعي، بالإضافة إلى برنامج قراءات وبرنامج أفلام حول تمثيلات الحشود في السينما العربية ودول الجنوب. يتمّ في نهاية المشروع إطلاق مطبوعة تحتوي على النصوص الجماعية، بالإضافة إلى ستوديو مفتوح للجمهور للاطلاع على المصادر والأرشيفات والأعمال التي اعتمد عليها المشروع خلال فترة البحث.
طابو – مجموعة دهاليز (فلسطين)
في فلسطين، وخاصّة في غزة، تدمّر حرب الإبادة الجماعية التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي المساحات العامة والخاصة، وتحوّلها من ملاذات للسكن والبناء إلى أماكن للجوء أو الدمار والفقدان التي لا يمكن استرجاعها. في هذا السياق، تصبح ذاكرة الأماكن مشاعاً مهدّداً بالسرقة والدمار، يمتدّ تاريخه من الماضي البعيد إلى الماضي القريب والحاضر اليومي، في حين يصبح الخاص عاماً، وتختلط تسميات الأماكن ومسمياتها. اليوم صار المنزل شارعاً وصار الشارع ملجأ وصارت المدرسة بيتاً وصار الباب مفتوحاً على الدوام. مع ذلك، تبقى ذكريات هذه الأماكن والمساحات وقصصها قائمة. ونظراً إلى حجم الدمار، أصبحت ذاكرة الأماكن لدى الفلسطينيين حالة عامّة من التذكر الذي يجب أن يكون لهم الحق فيه. يسعى هذا المشروع إلى استعادة الأماكن المألوفة والمعالم البارزة من خلال سرد وإعادة سرد الذكريات الشخصية والجمعية التي تتمحور حولها، والتأكيد على أنها “سندات ملكية للأرض” (طابو) في وجه التطهير العرقي والاحتلال والتهجير. دهاليز هي مجموعة مكوّنة من 6 فنانين يقيمون داخل فلسطين وفي المهجر، منخرطين في الممارسات المشاعية منذ عدة سنوات، ويسعون إلى توسيع مجموعتهم بشكل عضوي. من خلال هذا المشروع، ستنتج المجموعة خريطة تفاعلية لغزّة تحتوي على صور ومقاطع فيديو وكتابات ومخرجات فنية أخرى مرتبطة بذكريات أماكن مدمّرة تحمل قيمة جماعية وروابط شخصية قوية. ستكون هذه المواد متاحة في الخريطة كأعمال منجزة أو مواد “خام” يمكن مشاركتها واستخدامها من قبل الفنانين في المجموعة. في الوقت نفسه، سيتمّ جمع مواد إضافية متعلقة بذاكرة الأماكن المدمّرة من فنانين آخرين، وستتمّ مشاركتها وإتاحتها للعموم.
فهرس وأرشيف أوّال – مبادرة أوّال (المغرب)
في الفترة ما بين 2017 و2023، تمكّنت مجموعة أوّال من توثيق أكثر من مائتي قصيدة شفهية شعبية، وأشعار، وأغاني عمل، وحكايات وأساطير شعبية، ومقابلات عن التاريخ الشفهي من مختلف أنحاء الأطلس الكبير والأطلس المتوسط وجنوب شرق المغرب، بهدف تأسيس أرشيف تشاركي للفنون الشفهية. نشأت هذه الفعاليات عقب حلقات “أڭْراوْ” (اجتماعات متوارثة من جنوب شرق المغرب تعتمد نموذجاً تشاركياً أفقياً قائماً على التوافق)، التي عقدت بين عدد من ممارسي الفنون الشفهية الشعبية والمتوارثة، برفقة مجموعة من الباحثين والفنانين البصريين من/أو المقيمين في المناطق المعنية. بهدف ضمان الحفاظ على أصوات من يقومون بالتسجيل، والأفراد الذين يتمّ تسجيلهم، والمجتمعات المعنية التي أنشأت هذا التراث الشفهي على مدى الأجيال، بدأت المجموعة تسعى للتوصل إلى أساليب تقنية ومقاربات أخلاقية لأرشفة أشكال التعبير الفنية الشعبية والمحلية باعتبارها مشاعاً ثقافياً يتحدّى بطبيعته المفهوم الغربي للملكية الفكرية. يقتضي هذا المشروع آليتين تكامليتين، تهدف الأولى إلى جمع وأرشفة وفهرسة أرشيف الأدب الشفهي، بينما تركّز الثانية على تنظيم وتجميع ورسم خريطة فهرس شامل للأرشيفات الموجودة. تؤدي هاتان العمليتان إلى إنتاج ثلاثة موارد مشتركة: فهرس لأرشيف الأدب الشفهي على الموقع الإلكتروني الذي سيتضمن الأرشيفات الموجودة في مؤسسات الأرشيف في المغرب وخارجه، مستودع أرشيفي كمنصّة للاطلاع المباشر والمساهمات الطوعية، ونشر كتيّب لمنهجية البحث الميداني حول الفنون الشفهية في السياق المغربي، يتبعه سياق شمال أفريقيا وغرب آسيا كنطاق أوسع. سيضمّ الكتيّب خلاصة أفكار ومناقشات أڭْراوْ، وسيكون متاحاً كمصدر مفتوح ويمكن أن يكون أداة أساسية لأي فرد أو مجموعة تسعى إلى توثيق الأدب الشفهي أو بناء أرشيفات التراث الشفهي المحلي أو الإقليمي الخاص بها، كما يمكن أن يكون دليلاً إرشادياً لكلّ من يريد أن يوثّق من أجل المساهمة في أرشيف أوّال المشترك في المستقبل.
مزرعة حاكورة البيرة المجتمعية – تعاونية حاكورة البيرة (فلسطين)
حاكورة البيرة هو حراك زراعي ثقافي بدأ في تشرين الأول/أكتوبر 2023، ويهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي في مدينة البيرة في فلسطين من خلال الإنتاج الزراعي العضوي، وإعادة إنتاج الغذاء في جميع حواكير البيرة. بحلول شهر كانون الأول/ديسمبر 2023، تمكّنت التعاونية من زراعة خمس حواكير بيتية. تكلّل هذا الحراك بإنشاء مزرعة مجتمعية على مساحة 5 دنمات، مُنحت لهم من مغتربي البيرة بهدف إنشاء مزرعة عضوية مجتمعية. تقود هذا المشروع مجموعة من النساء من مدينة البيرة اللواتي يسعين لتعزيز دور المرأة في مجتمعهن، ودعم فكرة الاستقلال الغذائي وتوفير الأغذية العضوية لأسرهن، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي والربح بحلول الموسم الزراعي الثاني. تلتزم هذه المجموعة بزراعة المزرعة لمدة 6 إلى 8 سنوات القادمة على الأقل، آملين في أن يستمرّ المشروع ويصبح نموذجاً للإنتاج الغذائي والممارسات الحياتية اليومية في المدن الفلسطينية، ومساحة لإعادة تخيّل وبناء العلاقة مع مؤسسات المجتمع العامة والخاصة من حيث الإنتاج المحلي المستدام.
مشاع قسري – مبادرة أثر الفراشة (مصر/فلسطين)
مبادرة أثر الفراشة هي مجموعة من الفنانين والمعماريين الفلسطينيين، ومشروع تبادل ثقافي تعاوني عابر للحدود بين المقيمين في قطاع غزة والنازحين حالياً إلى مصر (القاهرة). بدأ هذا المشروع كاستجابة لأحداث السابع من أكتوبر 2023 والإبادة الشاملة التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي في غزّة، والتي حوّلت القطاع إلى مشاع مستباح بلا ضوابط أو قوانين، بسكان مستنزفين مادياً ونفسياً. أفضى هذا الأمر إلى وجود الغزيين داخل “مشاع قسري”، يطرح في قالبه معاني العيش في مساحة مشتركة إجبارية وقهرية مع الآخرين، في ظلّ ظروف استثنائية حيث الموارد معدمة والطاقات مستنزفة والاحتمالات ضئيلة، وقانون غرائزي وحيد يحكمها هو صراع البقاء. يستكشف هذا المشروع طرقاً لتسجيل وتوثيق وسرد الممارسات المشاعية القسرية وتجاوز الحواجز اللي تفرضها هذه الظروف وإيجاد مساحات مشاعية بديلة، أو مشاعات مضادّة. سوف يلجأ الفنانون الذين لا يزالون يعيشون الإبادة إلى الفن كمحاولة تدخّل وتوثيق لهذا الموت البطيء فيهم ومن حولهم، بينما سيتفاعل الفنانون في مصر، الذين نجوا حتى الآن، مع المواد التوثيقية والسرديات من خلال تصوراتهم الفريدة والاعتماد على أشكال التعبير الفنية المختلفة.
مكتبة وقاعة عامة مشتركة – المؤسسة العربية للصورة، بالتعاون مع دواوين وتعاونية المهن السينمائية (لبنان)
أدّى عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان إلى تسريع جهود المؤسسة العربية للصورة المستمرة سعياً لتطوير نماذج مؤسساتيّة تقوم على تقاسم الموارد، فضلاً عن ممارسات الاستماع العميق والتعّلم. في هذا الإطار، عملت المؤسسة العربية للصورة داخلياً على التوجه نحو العمل الأفقي والجماعي من خلال تشكيل مختبر تعاوني بين 8 مجموعات ومؤسسات مترابطة يجمعها مكان واحد، بهدف تلبية الاحتياجات الخاصة بكل مؤسسة والتطلعات المشتركة نحو تنظيمها الذاتي ونحو إنشاء منظومة بيئية مشتركة ومستدامة داخل هذه المساحة. يسعى المشروع إلى إنشاء مكتبة وقاعة كمساحة مشتركة بهدف تطوير المحتوى وبرامج عامّة وطرق عمل مشتركة مع مؤسستي “دواوين” و”تعاونية المهن السينمائية” داخل هذه المساحات. ستسمح هذه العملية بتطوير نماذج اقتصادية للمختبر التعاوني، تمكّنه من التواجد بشكل مترابط وتعاوني، وسوف تساهم في استدامة هذه المساحة المشتركة واستدامة الشراكات من خلال إنشاء آليات لمشاركة الحوكمة والإدارة والمعرفة والموارد.
المكتبة الرقميّة المعياريّة للمشاع – مبادرة مسرد (سوريا/فلسطين/كندا/ألمانيا)
قبل التطوّر الكبير تطوّر الكبير لدور الإنترنت في نشر المحتوى وإشاعته، عملت مجموعة من دور النشر الصغيرة في دمشق على جمع كتيّبات من مواد المشاع وبيعها في أنحاء سوريا والمنطقة، أو على بسطات الكتب في الشوارع المكتظة في دمشق، حلب، بغداد، أو القاهرة. إلا أن التحديات التي نشأت على مدى السنوات الماضية تتالت على هذه الدور حتى اختفت تقريباً. أدى انحسار مطبوعات كتلك إلى صعوبة في الوصول إلى الكثير من المحتوى العربي والموروث الكتابي غير التجاري، وغالباً ما يعتبر هذا المحتوى مشتتاً وغير كامل وملوّثاً بالإعلانات. يتوق هذا المشروع إلى كلّ ذلك المحتوى، كالكتب السريانية والكردية، أو المطبوعات بلغات أصلية مقموعة من قبل السلطات القوميّة في المنطقة. تتكوّن مبادرة مسرد من أكاديميين وعاملين في مجال الثقافة ناطقين بالعربية ومقيمين في الشتات، يسعون إلى فهم الأزمات الحالية المتعددة من خلال الإرث الثقافي الذي تركه لهم أجدادهم ومن خلال إيمانهم بأحقية الجميع بمحتوى عام منسّق ونظيف. تشق المجموعة طريقاً جديدة، فتضع معايير عالية وموحّدة في جمع المشاع من المحتوى العربي. من خلال هذا المشروع، ستنشئ المجموعة مكتبة رقمية تتبع أدق المعايير في نشر الكتب الإلكترونية، وبكلّ الصيغ المتاحة ليسهل تصفحها على أي قارئ. سيبدأ المشروع باختيار مجموعة من الأعمال التي يتعذر الوصول إليها، ومن ثم إنشاء دليل للنشر لضمان سهولة الاستمرار بنشر كتب جديدة بعد انتهاء مدّة تمويل المشروع.
ورشة ترميم الأفلام (اسم مؤقت) – مبادرة تحرير الأرشيف (تونس/الجزائر/لبنان)
منذ العام 2019، تعمل جمعية جوسلين صعب على مشروع تعاوني لحماية التراث السينمائي العربي وتعميمه، وهو مشروع استعادة أفلام جوسلين الذي تضمّن تدريب فنيين بهدف ترميم الأفلام في لبنان والمنطقة (مصر، الصحراء الغربية، إيران) والتحرّر في الوقت نفسه من القيود المسلطة من قبل الجهات الداعمة لعمليات الترميم. نجحت ورشات العمل التدريبية، التي تمّ تنظيمها بالشراكة مع عدد من المؤسسات، في تمكين 10 مشاركين ومشاركات من العمل على ترميم أفلام جوسلين صعب، يعملون حالياً على تطوير مهاراتهم وإتاحة خدماتهم لمجموعات الأرشيف الأخرى في المنطقة. اكتسبت الجمعية البرمجيات اللازمة لترميم الأفلام من أجل استمرار هذا النشاط، وترغب في توفيرها لمشاريع ترميم أخرى. الهدف اليوم هو مواصلة نقل المهارات، من خلال مبادرة تحرير الأرشيف، وتنظيم ورشات عمل إضافية في بلدان عربية أخرى، أولها ستتقام في تونس بالتعاون مع المؤسسة الشريكة “موجة للأفلام”، باستخدام الأرشيف الذي تمّ جمعه من خلال “الأرشيف الرقمي للسينما الجزائرية”. من خلال تمكين ترميم تراث ثقافي مهمش، تقوم الجمعية بخلق الظروف لتعميمه. ستكون مخرجات هذه الورشات موضوع مهرجان متنقّل في مختلف مدن جنوب وشمال البحر الأبيض المتوسط (تونس، قابس، بجاية، بيروت، منى، الإسكندرية، مرسيليا).
بيان لجنة التحكيم
تقدّر لجنة التحكيم عالياً كافة المشاريع المقدّمة ضمن الدعوة المفتوحة “لنستعيد المشاع: مشروع لبناء تعاون ثقافي في المنطقة العربية”، إذ إنها قدّمت شهادة مذهلة عن الحيوية الموجودة في المنطقة العربية، فقد تجلّى في المشاريع المختلفة كيف أنّ محاولات السيطرة والقضاء على معاني وممارسات الحياة في المنطقة العربية والتي نعيشها في فلسطين والسودان واليمن وسوريا وليبيا ولبنان، وبأنماط مغايرة في باقي الدول العربية، لم تنتج الفناء أو العدم، إنما أنتجت الرغبة في خلق حيوات تناهض الذل والدمار والموت والتهميش والتسلّط والقهر.
كانت ممارسات الأرشفة سمة غالبة على العديد من المشاريع المؤهّلة، ونالت المشاريع التي طرحت أسئلة عن ماهية الأرشيف وكيفية تكوينه وعلاقة الماضي بالحاضر والمستقبل اهتمام لجنة التحكيم، خاصة أنّ تلك المشاريع خصّصت حيزاً هاماً في منهجياتها لعلاقة الأرشفة بخلق مساحات مشاعية، ذات فاعلية في الحياة اليومية، تمكّن المشاركات والمشاركين من تخيّل حيوات مغايرة.
كما نالت المشاريع التي استنبطت منهجيّة تشاركية خلال جميع مراحل المشروع اهتمام اللجنة أيضاً لكونها تطرح إمكانية تطويع منهجيات آليات العمل والخطط التنفيذية لتصبح قادرة على بناء جسور بين التخصصات المختلفة وبين الفاعلات والفاعلين في الحقل الثقافي بمفهومه الواسع.
تبيّن للجنة التحكيم أنّ أخذ التشاركية وخلق المشاع بجدية وتشبيكهما في كلّ مسارات المشروع، مكّن العديد من المشاريع من خلق مساحات لها عائد عام، وكان مثالاً على ذلك التكافؤ في الأدوار والمسؤوليات والحقوق ومساحات وممارسات اتخاذ القرارات. أيضاً كان لهذه المشاريع منهج واضح للتوثيق، مما يتيح البناء على ما تمّ إنجازه.
انعكس الاهتمام بالمشاعية والتشاركية أيضاً في اللغة المستخدمة في كتابة سردية المشروع، وخاصة تلك التي تجنبت الرضوخ لمفاهيم نخبوية، وكذلك في تخيّل ممارسات مبتكرة نابعة من إشراك مجموعات مختلفة في التفكير والتحاور واتخاذ القرارات. وقد تمكّنت المشاريع من خلق لغة تفاعلية وطرح خطط عمل ومخرجات واقعية نابعة من السياق العام ولها أهداف قابلة للتحقيق.
قمنا بمداولات معمّقة وغنية امتدّت على ثلاثة أيام للوصول إلى اختيار هذه المشاريع الـ13، نظراً لجودة الاستمارات المقدّمة وتنوّعها. نتمنى التوفيق للمشاريع المختارة ونأمل أن تكون هذه التجربة ملهمة لمشاريع ومبادرات أخرى، وأن تقدّم آفاقاً جديدة للمقاربات والممارسات المشاعية في مجال الثقافة والفنون.
أعضاء اللجنة
حسن دارسي / المغرب، فنان بصري ومؤسس لعدة تجارب مشاعية
حنان سبع / مصر، أستاذة مشاركة في الأنثروبولوجيا في الجامعة الأميركية في القاهرة
لارا الخالدي / فلسطين، مديرة وقيّمة مركز دي أبيل للفنون في هولندا