يعتبر عنصر التمويل في السياسات العامة الثقافية من أهم العوامل التي تساهم في إرساء قطاع ثقافي ديناميكي ومتنوّع. ويعزو هذا التأثير إلى الخصائص الإقتصادية للمنتج الثقافي وللمؤسّسة الثّقافيّة والتي تختلف عن غيرها في القطاعات الأخرى.
فمن منظور إقتصادي، ينتمي القطاع الثقافي إلى “قطاع الخدمات” حيث تصبح مردوديّة المؤسّسة مرتكزة على “جودة المنتوج” وليس على “الإنتاجيّة” أو على “إقتصادات الحجم”. ففي مرحلة الإنتاج يمثل كلّ منتج ثقافي جديد بحدّ ذاته مشروعا استثماريا جديدا – على مستوى العمل ورأس المال- ولا يمكن للمؤسّسة أن تتحصّل على مزايا ” إقتصادات الحجم” من حيث تقليل كلفة الإنتاج أو الزيادة في الإنتاجيّة. وفيما يتعلّق بمخاطر السوق، فإنّ العمر الافتراضي للمنتج الثقافي يعتبر قصيرا جدّا مقارنة بمنتوجات أخرى وهو ما يجعله ذو مخاطرة ماليّة أكبر وأعلى من معدّل السوق بالنسبة لأي مستثمر، وهذا ما يفسّر صعوبة جمع الأموال عند مرحلة الإنتاج.